قام بالتحليل للمحيط العربي للشعر والأدب الناقد الأستاذ عمرحمدان عن نص بتشتكي

 قراءة مقتضبة : عمر حمداوي شاعر وناقد وباحث

شعر : أ. الشاعر راضي السقا

النص

********

 بتشتكي 

بتشتكي مني وتلوم عليا 

وكمان بتقولي أحساسك أتغير ليا 

كلامك ما بقاش هوا 

وعينيك راحت بعيد عن عينيه

أاقرب منك ومني بتبعد حتي يوم الفراق ما راح تبكي عليا 

قالتلي كلام كثير يقطع فيا 

لكن أنا مظلوم وربي شاهد عليا

دنا بستني لقاءها ولحظة ما تهل عليا 

الدنيا كلها تضحك في عينيه 

كلامها معايا في علتي هوا دوايا

وسؤالها عني أملي ومنايا 

بفرح بيها .. وياعيني لما تقولي كيفك أخبارك ... أيه الحكايه عليك طمني 

فرحتي بيها ما تتوصف ولا ليها زي 

البداية هي ومعاها النهايه 

أقول ايه ولا ايه ما لاقي كلام أعبر بيه وهي عارفة كل الحكاية 

قراءة

********

قصيدة زجلية عامية من النوع الذي يشبع الشعر العذري في معناه ورماه تقرأها في شهر رمضان وأنت مطمئن على صيامك والمهم أن القصيدة تعالج موضوع خصومه جرت بين الشاعر ومحبوبته وهي تلقي عليه مجموعة من الأخطاء مرتكبة في حقها فيرد شبهاتها عن نفسه ويؤكد لها على حسن نيته وسلامة مقصده وأنه ثابت على حاله لم يتغير في شيئ وأن ما تقله يعتبره مجرد تهم لا أساس لها من الصحة وهو يحاول دفع سوء الظن وتبرئة ذمته من كل ما يشين شخصيته الطيبة كإنسان متوازن صادق في تعبيره وغير متلون وفي هذا الحوار نكتشف أن الشاعر محافظ ومتشبثب الأصول لا يزيد عنها وكذلك الطرف الآخر الذي تمثله المرأة في خطابه له وهي تحثه على الإستقامة والبقاء والحرص على الوفاء كليل ملزم لاستمرار العلاقة مبنية شروط مفروضة من جانب القيم والأخلاق وأن حياد أي طرف عن صحتها ومصداقيتها يستوجب قطع العلاقة ومحوها وعدم اعتبارها ودية تستحق الدوام في الحياة إذ بشروط الأخلاق تستمر العلاقة مما يستوجب الإحترام لهذا الحب الذي يحمي الذات من الإغترار والسقوط في اتباع الهوى الذي يضيع ويفسد المحبة والأفكار المرتبطة بمفهومها وإخراجها عن نطاقها المعترف به كمحبة تجمع بين قلبين عامرين بالصفاء والطهارة 

قبل أي شيئ قد لا يكون منطلقه من صميم القلب بل قد يكون لذة ساقطة وعبارة و مرفوضة من طرف المجتمع المحافظ المبني على إحترام قوانين ربط العلاقات مع الشرف وعدم التفريط فيه تحت أي ذريعة لا تمت إليه بصلة ويستطيع الشاعر أن يبرد نفسه من كل ما يستحقها ويظهر أنه رجل طيب و قدوة يعرف كيف يتحمل المسؤولية وأنه لا يتخلى أبدا عمن التزم بالوعد بحمايتهم والدفاع عنهم فهم قطعة منه لا يمكنه الاستغناء عنهم مهما يحدث وفي ذلك نعو من المحبة لا يزول ولا يهتز للزلازل وإن تعرض لها فسيكون صامدا لا يخضع ولا يتضعضع هي من خوفها تقول : حتى يوم الفراق ما راح تبكي عليا .

وهو يقول من كل جوارحي من قلبه وعقله : البداية هي ومعاها النهاية .

وليثبت بما لا يدع مجالا للشك يختم حواره بهذه العبارة الرائعة : أقول إيه ولا إيه ما لاقي كلام أعبر بيه وهي عارفة كل الحكاية .

ومما أود التنبيه إليه أن هذه القصيدة تصلح في أحاسيسها ومن جانبها العاطفي القوي جدا أن تكون خطابا بين جميع الأحبة بداية من الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الكبيرة العالمية في انسانيتها خارج نطاق الرابط المحدود بين شخصين اثنين يمكن تعميم الصورة نظرا لقدرتها على احتواء الجميع في شعورها العارم الغامر بالمحبة ولعظمة هذا المعنى الشامل و اللطيف يستطيع أن يجمع الجدة والجد و الأم والأب الإبن والبنت والأخت والأخ والعمة والعم والخالة والخال وكل الأفراد إلى جمع البشر الذي يتم التواصل فيما بينهم حين تجمعهم الحياة في مصير واحد يدعو إلى الخير والفضيلة والسمو بالعلاقات الجيدة إلى مستوى أخلاقي كبير يدل فعلا على الطيبة و الإحتواء والتآزر والتكامل وعدم التفريط في أداء الواجب إن الحب تراحم و علم مزدهر بالعطاء وإن الكراهية قسوة وجهل وكما يقال العنف هو آخر الشواهد على عدم الكفاءة .