كتب الكاتب أ . خالد الزبون للمحيط العربي قصة قصيرة بعنوان الحب في زمن الحرب
قِصَّة قَصِيرَة
اَلْحُبّ فِي زَمَنِ اَلْحَرْبِ
اَلْكَاتِبُ أ . خَالِدْ اَلزَّبُونِ
تَخَرَّجَ شَيْمَاءْ اَلْجَمِيلَة مِنْ بَيْنِ اَلرُّكَامِ كَرَبِيعْ أَزْهَرَتْ أَوْرَاقهُ وَاخْضَرَّتْ وَتَفَتَّحَتْ رَيَاحِينه ، كَإِشْرَاقَةِ اَلشَّمْسِ تَبْعَثُ اَلرُّوحَ فِي اَلْحَيَاةِ وَتَنْثُرُ اَلسَّعَادَة فِي كُلِّ مَكَانٍ ، عَلَى اَلرَّغْمِ مِنْ اَلدَّمَارِ اَلَّذِي أَحْدَثَتْهُ اَلْحَرْبُ وَقَذَائِفُ اَلْمَوْتِ اَلَّتِي لَمْ تَتَوَقَّفْ مُنْذُ أُسْبُوعَيْنِ فِي اِعْتِدَاءٍ عَلَى اَلْإِنْسَانِ وَالشَّجَرِ وَالْحَجْرِ ،
كَانَ اَلْمَكَانُ يَغَصُّ بِالْحَرَكَةِ وَالضَّجِيجِ ، صَوْتُ اَلْأَطْفَالِ وَحَدِيث اَلْمَارَّةِ وَصَوَّت اَلْمُنَادِي حَيٌّ عَلَى اَلصَّلَاةِ وَقَرْع اَلْأَجْرَاسِ وَهَدِير اَلْبَحْرِ وَتَكَسُّر اَلْأَمْوَاجِ عَلَى اَلشَّاطِئِ وَابْتِسَامَاتٍ وَضِحْكَاتٍ تَمْلَأُ اَلْمَكَانَ وَتُجَاوِرُ زَمَنَ اَلْحُبِّ وَالسَّلَامِ وَالْجَمَالِ وَعِشْقِهِ اَلَّذِي عَاشَ طُفُولَتَهُ مَعَهُ وَتَرَعْرَعَ عَلَى رُؤْيَةِ شَيْمَاءْ تَرْسُمُ عَلَى جُدْرَانِ اَلْأَيَّامِ وَطَن وَمِفْتَاح وَعَوْدَةً ، وُفَيْنِيق يَنْشُرَ جَنَاحَيْهِ يَوْمَ مِيلَادِهِ لِيَسْكُنَ اَلسَّفْح وَيُحَلِّق فَوْقَ اَلْوَادِي كَاتِبًا فُصُولَ اَلْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ ، هُنَا كَانَتْ شَيْمَاءْ فِي أُرْجُوحَةِ اَلْمُنْتَزَهِ تَنْطَلِقُ إِلَى فَضَاءٍ مِنْ اَلْأَحْلَامِ تَسْكُنُ مَعَ اَلْغَيْمَاتِ وَتَحْرُسُهَا نَجْمَةُ حَظٍّ وَسَعَادَةٍ هَكَذَا كَانَ يَرَاهَا تَذْهَبُ إِلَى اَلْمَدْرَسَةِ وَتَكْبُرُ مَعَهَا اَلْآمَالَ لِتَغْدُوَ فَتَاةً جَامِعِيَّةً تَدْرُسُ اَلطِّبَّ وَتُدَافِعُ عَما تَبَقَّى مِنْ إِرْثٍ لَمِنْ سَقَطَ مُدَافِعًا عَنْ اَلنُّجُومِ وَمِنْ يَمْكُثُ خَلْفَ اَلْأَسْلَاكِ اَلشَّائِكَةِ وَمِنْ سَكَنَتْ فِي تَجَاعِيدِ وَجْهِهِ سَنَوَاتِ عِجَاف مَثِقْلَاث بِأَلَمِ اَللُّجُوءِ وَالتَّشْرِيدِ ، تَطُوف شَيْمَاءْ وَيَطُوف مَعَهَا وَجُده اَلَّذِي تَمْلك حَيَاتَهُ وَأَنْفَاسَهُ وَاَلَّتِي حَبَسَتْهَا أَزِيز اَلطَّائِرَاتِ وَالْقَتْلِ وَالدَّمَارِ اَلَّذِي جَاءَ يَمْحُو كُل أَثَرٍ لِلْحَيَاةِ ، طَلَبَ أَنَسْ مِنْ وَالِدَتِهِ أَنْ تَزُورَهَا وَتَحَدَّث وَالِدَتَهَا لِتَكَوُّن نَصِيب حَيَاتِهِ اَلَّتِي مَا زَالَ يَحْلُمُ أَنْ يسْكنَهَا اَلنُّجُومُ وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا اَلْكَوَاكِب
وَالرِّيَاض وَالْقُصُور وَالْمَوَاكِب ،
اِتَّفَقَتْ اَلْعَائِلَاتَان عَلَى مَوْعِدِ اَلزَّوَاجِ وَاشْتَرَى لَهَا خَاتَمًا نَقْش عَلَيْهِ كُلِّ طُمُوحَاتِهِ وَأُمْنِيَاتِهِ وَأَحْلَامِهِ فَهُنَا مَعَهَا تَبْدَأُ حَيَاتَهُ عِنْدَمَا كَتَبَ اِسْمُهَا عَلَى جِذْعِ شَجَرَةِ اَلزَّيْتُونِ لِيَكْبُرَ اَلْجِذْعُ وَيَكْبُرُ اِسْمُهَا ، اِتَّفَقَا عَلَى رَسْمِ مُسْتَقْبَلِهِمَا هِيَ طَبِيبَةُ اَلْفُقَرَاءِ هَذَا مَا يُنَادِيهَا أَهْلُ اَلْحَيِّ به ، لَقَدْ عَكَفَتْ عَلَى مُسَاعَدَتِهِمْ بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُونَهُ ، وُرُودٌ وَأَزْهَارٌ تَتَطَايَرُ وَتُعَانِقُ اَلسَّمَاءُ وَعِنْدَمَا كَانَ يُحَضِّرُ نَفْسَهُ وَعَائِلَتَهُ لِيَوْمِهِ اَلْمَوْعُودِ سَمِعَ صَوْت قَذَائِفَ فِي اَلْحَيِّ ، خَرَجَ بِسُرْعَةِ لِيَعْلَمَ مَا اَلَّذِي حَدَثَ وَفَجْأَةَ شَعَرَ بِأَنَّ قَدَمَيْهِ لَا تَحْمِلَانِهِ وَأَنَّ اَلْعَالَمَ يَنْهَارُ أَمَامَهُ ، لَقَدْ أَصَابَتْ اَلْقَذَائِفُ وَالْمِدْفَعِيَّةُ اَلثَّقِيلَةُ مَنْزِلَ عَائِلَتِهَا ، وَبَدَأَ يَبْحَثُ بَيْنَ اَلْأَنْقَاضِ وَلَكِنَّ اَلْقَدَرَ سَبَقَهُ بِأَنْ تَرْتَقِيَ إِلَى اَلسَّمَاءِ شَهِيدَة وَشَاهِدَة عَلَى ظُلْمِ اَلزَّمَانِ وَتَنَكَّر اَلْإِنْسَانِيَّة لِإِنْسَانِيَّتِهَا ، سَقَطَتْ شَيْمَاءْ فِدَاء لِلْوَطَنِ ، فِدَاء لِلْأَمَلِ اَلسَّاكِنِ فِينَا ، وَلَكِنَّهَا سَتَبْقَى فِي قَلْبِ أَنَسْ كَأَيْقُونَةٍ تُضِئْ طَرِيقَ اَلْعَوْدَةِ وَتعبدُ بِدَمِهَا اَلنَّازِفِ يَد اَلشُّجَاعِ فَهِيَ اَلْوَطَنُ وَالْحَبِيبَةُ وَالشَّهِيدَةُ .
تعليقات
إرسال تعليق