كتبت الكاتبة نجلاء غفران سراجي قصة بعنوان كان اسمها فاطمة

 كان اسمها فاطمة لكن منذ أن امتهنت مهنة الخياطة أصبح الناس ينادونها بالخَيّاطة ،إلى أن أصبح هذا اللقلب لصيقا بها ،متى ذكرت وأينما ذهبت ، لقد برعت في عملها وأبدعت وكانت تجيد الخياطة بآلتها اليدوية المتواضعة سنين عديدة ، وتتقن كل فنون التطريز والأعمال اليدوية التقليدية كما لو أن بيديها آلة دقيقة الصنع ،

مارست مهنتها بحب ، واعتكفت على آلتها بخشوع أغناها عن التفكير في حياتها وتفاصيلها الدقيقة ، ليس من فقر ولا من فاقة لكن من حرمان ، نعم من حرمان ، حرمت نعمة الذرية الصالحة ،حرمت زينة الحياة الدنيا  ، لقد رزقها الله بزوج لم  يكن يعطي بالا  للأولاد     ولا لمجيئهم في حياته ، بل كان لوحده  يشكل أكبر  عبئ في حياتها ،  أكثر من مئة ولد بإدمانه ، وإهماله لمسؤولياته . حتى باتت تحمد الله على ما رزقها به ولا تعترض على حكم قد سبق .

أخذتها السنون بصحبة آلتها ومهمنتها  التي أحبتها بشغف ، منغمسة في التفاصيل والقصات وفي حياة تكاد تخلو من أي  رفاهية أو تغييير للأجواء  اللهم إلا من بعض  الزيارات العائلية لبيت أخيها وبناته اللاتي كن قد أحببنها كثيرا فوجدت فيهن العوض مما حرمت منه وسلوى للأيام القاسية التي تكابدها بمعية زوج حسنته الوحيدة في حياتها أنها متزوجة برجل ولها بيت مستقل كبقية الناس  في مجتمع سليط اللسان    .

رعم هذا وذاك الحياة لم تنصفها ، و نزلات الزمن لم ترحمها،  من نزلة إلى أخرى في إيقاع تنازلي ، إلى أن وجدت نفسها ذات يوم قد وهن العظم منها واشتعل الرأس شيبا  ، تصارع مرضا عظالا في أحد المشافي ، أنهك  قواها وأطفئ شمعة شبابها ، فظلت سنين عديدة تقاوم مرضها الشيء الذي دفعها الى التوقف عن ممارسة مهنتها بل هوايتها والخروج من محرابها الذي كانت تعتكف به صوما عن لغو الكلام . ظلت فاطمة أو الخياطة في ذهاب وإياب بين بيتها والمستشفى لعلاج هذا المرض العضال  إلى أن  أودى بحياتها،  فغادرت هذه الحياة كما دخلت لها دون أثر ،فقط بعض الأدعية وأكف من الدراعة  التي كانت ترفعنها لها  بنات أخيها بين الحين والآخر طلبا له  بالرحمة والمغفرة ، في حين تزوج زوجها بعد وفاتها بزوجة تصغره سنا وأنجب منها  ولدا وبنتا وتحمل رغم أنفه مسؤولياته أتجاههم ولم ينل الخياطة إلا عيش ضنك بسب زواج أرضت به مجتمعا متخلفا جاهلا  منحته حياتها قربان.

- نجلاءغفران سراجي.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الشاعر محى الدين جمعه طه للمحيط العربي قصيدة بعنوان رسالة للأحياء من متوفي

كتب الشاعر سعيدعبد الحميد عبدالمعطي للمحيط العربي خاجرة بعنوان هو في إي

كتب الاديب محمود محمدعبدالحق رمضان للمحيط العربي قصيدة بعنوان والامل سيبقى عنوان