كتب للمحيط العربي الكاتب خالد الزبون خاطرة بعنوان أتدرين يا سيدتي
خَاطِرَةٌ تَثْرِيَةٌ
الْكَاتِبُ أ.خَالِدُ الزِّبُونِ
أتَدْرِينَ يَا سَيِّدَتِي ؟!
مَا زَالَ الْيُرَاعُ يُنْبِضُ بِالْكَلِمَاتِ ، وَيَكْتُبُ رِوَايَاتٍ وَحِكَايَاتٍ وَقَصَائِدَ لَا تَعْرَفُ الْهَزِيمَةَ وَالْخَيْبَةَ ،رَغْمَ أَنَّ الِازْهَارَ قَدْ ذَبلَتْ وَاخْتَفَى عَبَقُ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَبَدَأَتْ النُّجُومُ السَّاطِعَةُ بِالْأُفُولِ ، وَكَثِيرٌ مِنْ إِنْسَانِيَّتِنَا تَتَبَخَّرُ فِي الْهَوَاءِ ، فَعَلَى رَصِيفِ الذِّكْرَيَاتِ ضَاعَتْ الْأَحْلَامُ وَالرَّايَاتُ وَكُتُبِ التَّارِيخَ وَخبزْنَا الَّذِي افْتَرَشْنَا الْأَرْضَ لِنَتَشَارَكَ بِهِ مَعَ فِرَاشَاتِ الْحَقْلِ وَحَورِيَّاتِ الْبَحْرِ .
أَتَدْرِينَ يَا سَيِّدَتِي ؟!
لَقَدْ غَزَلْتُ لَكَ مِنْ وَهَجِ الشَّمْسِ حَنِينًا وَمِنْ سَنَابِلِ الْقَمْحِ حُرُوفًا مُبَعْثَرَةً كَشَجَرَةٍ تَاهَتْ أَوْرَاقُهَا فَلَمْ تَتَعَرَّفْ عَلَى جُذُورِهَا،.
فَاشْتَدَّتِ الرِّيَاحُ فَقَذَفَتْنَا بَعِيدًا خَلْفَ تُخُومِ الزَّمَانِ وَجُدْرَانِ النِّسْيَانِ كَغُرَبَاءَ فَوْقَ جُغْرَافِيَّةِ الْأَمَلِ وَالْمَنْزِلِ وَالْأَهْلِ وَالْأَحِبَّةِ فَالْقَافِلَةُ تَغْرَقُ فِي رِمَالِ الصَّحْرَاءِ وَالِأَرْض قَاحِلَة فَلَا سَمَاءَ مُلَبَّدَةٌ بِالْغُيُومِ وَلَا مَطَر .
أَتَعْلَمِينَ مَا الْعَجَبُ يَا سَيِّدَتِي ؟!
أَنَّنَا نَتَوهُ فِي طُرُقَاتِ طُفُولَتِنَا فَلَا زُقَاقَ يَعْرِفُنَا وَلَا أَشْجَارٌ نُقِشَت اسْمَاؤُنَا عَلَيْهَا وَزَيَّنَهَا الْقَمَرُ تَتَذَكَّرُنَا ، يَبْدُو أَنَّ الْحُضُورَ غِيَابٌ ،
وَلَكِنْ يَا سَيِّدَتِي فِي كُتُبِ التَّارِيخِ -كُنْت لَنَا دَارٌ وَكُنْت لَنَا وَطَنٌ-
فَأَنْتَ الْأَمِيرَةُ السَّمْرَاءُ وَكُلُّ الْفُصُولِ بِرَبِيعِهَا تَدُورُ معها السَّاقِيَة وَيَنْشُدُ الْيُرَاعُ لها رِسَالَة وَقِصَّةجَدِيدَة .
تعليقات
إرسال تعليق