كتب الشاعر جورج مسعود عازار للمحيط العربي قصيدة بعنوان حثيبة سفر
حقيبةُ سفرٍ
كيف أمضي وعينايَ مُغمَضتانِ
وعُكازي مُهَشَمٌ
وذاكرتي خَاويةٌ؟
أُبَدِّدُ عُمري
في دُروبٍ حائرةٍ
وأظَلُّ طِوالَ الَّليلِ
أُلاحقُ فَجراً يَعدو
ومن غيرِ مُستَقَرٍ
بعد أنْ تَاهتْ عَنهُ
تَفاصيلُ البدايةِ
زُقاقُ النَّأي
يُغري لِجولةِ ضَياعٍ
في أرضِ التِّيهِ
من غيرِ عودةٍ
كُلُّ ما تبقَّى
من سنينٍ
ما عادَ يكفي
لتسديدِ خساراتي السَّابقةِ
كُلَّما تَغافلتُ عن جُرحي
تَخذُلُني الذِّكرى
ويَخلُبُ الُّلبُّ مِنِّي
إغواءَ فُتنَةِ
عيونِ المَتاهَةِ
أترَنَّحُ شَوقَاً إلى مَجهولٍ
وهواجِسَ تَعتري خَاطري
تَتَّقِدُ وتَخْبو
مِثلَ شُهُبِ الَّليلِ
وتَذوي في رُكنٍ مُعتَمٍ
في انتظارِ الَّلاشَيءِ
أخشى أن أُطلِقَ سَراحَ الأسئلةِ
ذاتَ يومٍ
أن تَستَعِرَ طائعةً
فوقَ بُركانِ الَّلهفةِ
كُلُّ السُيولِ الَّتي تَرَكَتْها
عَواصِفُ الغِيابِ
صارت عند المَغيبِ
بساتينَ صَبَّارٍ
وكُلُّ تِلك الزَّوابعِ
الَّتي ثَارت
خَمدَت بعدَ حينٍ
في قَعرِ الفِنجانِ
وفي حقيبةِ سَفري
ذاكرةٌ مَطويةٌ
وقلمٌ مَكسورٌ
وثيابٌ جديدةٌ
أبداً لن أرتَديها
وفيها أحلامٌ صَدِئَةٌ
وكلماتٌ جَفَّت على وجنتيها
الدَّمعةُ
ودفاترُ صفراءُ
مُنذُ الأزلِ خَاويةٌ
وفيها تراتيلُ حَزينةٌ
ونَواحُ قصيدةٍ
وحَشرجةُ حَسرةٍ
وبقايا عُمرٍ
تَقطَّعَت به السُّبلُ
وفيها مِنديلُك الزَّهري
ووردةٌ يابسةٌ
وغَصةٌ في الحَلقِ
لا تُبارحُ أوجاعَ المَدى
وفيها كِتابُ صَلواتٍ
وبضعةُ أسفارٍ
وضِحكَةٌ حزينةٌ
مهما قَرُبَ أو بَعُدَ السَّفرُ
فحقيبتي صارتْ جاهِزةً
لا تُشغلُني المَفارِقُ
ولا الوِجهاتُ تُقلقُني
ورُبَّانُ المَركَبِ
لا يحتاجُ خَرائطَ طُرُقٍ
ولا بوصلةً لِلدَّربِ
في جيبهِ يحمِلُ
ولا عناءَ الارتحالِ يوماً
يَتَجَشَّمُ
بقلمي:جورج مسعود عازار
قاص وشاعر سوري
اللوحة للفنان التشكيلي السوري
يعقوب اسحق
تعليقات
إرسال تعليق