كتب الكاتب خالد الزبون للمحيط قصة نهاية رجل متغطرس

 نِهَايَةُ رَجُلٍ مُتَغَطْرِسٍ

قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ

الكاتب أ . خَالِدُ الزَّبُّونِ  


مُتَغَطْرِسٌ وَمَزْهُوٌّ بِنَفْسِهِ ، يَشْعُرُ بِالْعَظَمَةِ كَأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفَخَ فِي أُذُنِهِ ، يَعْتَقِدُ أَنَّ الشَّمْسَ تُشْرِقُ لِكَيْ تَسْتَمْتِعَ بِمَهَارَتِهِ فِي الْجَبْرُوتِ وَظُلْمِ الٱخَرِينَ وَاحْتِقَارِهِمْ ، مُتَكَبِّرٌ وَيَنْشُرُ الصِّيَاحَ وَالصُّرَاخَ عِنْدَ دُخُولِهِ السُّوقَ فَقَدْ كَانَ تَاجِرًا يَبِيعُ الْقُمَاشَ ، وَلَا يَسْمَحُ لِأَحَدٍ بِالتِّجَارَةِ فِي السُّوقِ غَيْرِهِ بِكُلِّ الْوَسَائِلِ الَّتِي تَضْمَنُ أَنْ يَبْقَى هُوَ وَحْدَهُ الْمُتَحَكِّمَ فِي تِجَارَةِ الْقُمَاشِ بِالْبَيْعِ الَّذِي يَضْمَنُ لَهُ رِبْحًا كَبِيرًا ، أَمَّا النَّاسُ فَقَدْ كَانُوا يَبْتَعِدُونَ عَنْهُ وَلَا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَقَاتَلُوا مَعَ شَرِّهِ الَّذِي أَصْبَحَ لَا يُطَاقُ وَكَأَنَّهُ شَرَارَةُ جَحِيمٍ تحْرِقُ كُلَّ مَنْ يُلَامِسُهَا ، يَعْلُو صَوْتُهُ

 أَيْنَ الْقَهْوَةُ ؟

 فَيَأْتِي الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْمَلُ فِي الْقَهْوَةِ مُقَابِلَهُمْ فِي السُّوقِ بِالْقَهْوَةِ ،

 مَاهَذِهِ ؟ 

لَيْسَ لَهَا مَذَاقُ 

 مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ بِهَا ، ؟

لَقَدْ قُمْتُ بِغَلْيِهَا جَيِّدًا وَهِيَ مِنْ افْضَلِ انْوَاعِ الْبُنِّ ،

 جُنَّ جُنُونُهُ مِنْ رَدِّ الصَّبِيِّ عِنْدَمَا أَقُولُ انْهَا غَيْرُ جَيِّدَةٍ فَهِيَ كَذَلِكَ ، أَخْرُجَ مِنْ أَمَامِي وَسَأَمْنَعُ الْجَمِيعَ مِنْ دُخُولِ قَهْوَتِكُمْ وَالْجُلُوسِ بِهَا ، 

هَكَذَا كَانَ يَبْدَأُ يَوْمَهُ ، لَا يَتْرُكُ أَحَدًا يَتَحَدَّثُ عَنْهُ الَّا بِكُلِّ سُوءٍ ، أَصْحَابِ الْمَحَلَّاتِ الْمُجَاوِرَةِ وَالْجِيرَانِ ، يَا لَسُخْرِيَّةِ الزَّمَنِ أَنْ لَا تَجِدَ مَنْ يَقْرَعُ الْخَزَّانَ وَيُدَافِعُ عَمَّ تَبَقَّى مِنْ كَرَامَةٍ لِنَفْسِ الْإِنْسَانِ وَلَكِنْ يَبْدُو أَنَّ الزَّمَنَ يَتَغَيَّرُ وَتَتَغَيَّرُ الْعِزَّةُ وَالْكَرَامَةُ الْمَفْقُودَةُ فِي عَالَمِ النِّسْيَانِ ،

 وَعِنْدَمَا يَأْتِي الْمَسَاءُ يَعُودُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَقَدْ تَرَكَ زَوْجَتَهُ الْأُولَى الَّتِي لَمْ تُنْجِبْ لَهُ أَطْفَالًا وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ بِابْنَةٍ وَحِيدَةٍ كَبُرَتْ وَتَزَوَّجَتْ وَغَادَرَتْ مَعَ زَوْجِهَا إِلَى مَكَانِ عَمَلِهِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْأُورُوبِّيَّةِ ، أَمَّا زَوْجَتُهُ فَلَمْ تَسْتَطِعْ العَيشَ مَعَهُ وَتَرَكَتْهُ وَغَادَرَتْ إِلَى بَيْتِ أَهْلِهَا وَحَصَلَ الطَّلَاقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ الْقَدَرُ أَنْقَذَهَا بِحَيَاةٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ عَنْ التَّحَكُّمِ وَالسَّيْطَرَةِ وَامْتِهَانِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ فَلَمْ تَشْعُرْ يَوْمًا أَنَّهَا تبني

 عَائِلَة

لَكِنَّهُ الزَّوَاجُ التَّقْلِيدِيُّ وَلَكِنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّهَا لَنْ تَرَاهُ ، 

بَقِيَ وَحِيدًا وَتَمُرُّ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ وَيُصْبِحُ طَاعِنًا فِي السِّنِّ وَيَبْدَأُ سُوقُ الْعَمَلِ فِي التَّرَاجُعِ وَلَمْ يَعُدْ بَيْعُ الْقُمَاشِ تِجَارَةً مُرْبِحَةً فَقَدْ سَيْطَرَتْ صِنَاعَةُ الْمَلَابِسِ الْجَاهِزَةِ عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَبَدَأَتْ تَخْتَفِي مِهْنَتُهُ وَلَمْ تَعُدْ سَطْوَتُهُ كَمَا كَانَتْ ، بَلْ أَصْبَحَ ظِلًّا ثَقِيلًا فِي السُّوقِ ، وَغَيْرَ مُرَحَّبٍ بِهِ ، لَا قَهْوَةَ وَلَا شَايَ وَلَا عُزُومَةَ حَتَّى عَصِيرٌ بَارِدٌ ، وَلَا صَبَاحَ أَوْ مَسَاءً حَتَّى التَّحِيَّة الَّتِي كَانَتْ بِجَبْرُوتِهِ أَصْبَحَتْ مِنْ الْمَاضِي ،

 وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الصَّوْتَ الْهَادِئَ أَقْوَى مِنْ الصُّرَاخ

 وَإِنَّ التَّهْذِيبَ يَهْزِمُ الْوَقَاحَةَ

 وَإِنَّ التَّوَاضُعَ يُحَطِّمُ الْغُرُورَ 

وَأَنَّ الْأَيَّامَ دُوَلٌ ،

 وَعَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ كَانَ وَحِيدًا وَفِي جِنَازَتِهِ لَمْ يَتَجَاوَزْ الْمُشَيِّعِيون اصَابِعَ الْيَدِ فَقَدْ ذَهَبَ كُلَّ هَذَا الْجَبْرُوت وَالظُّلْم وَتَنَاسَى مَنْ يَحْيَا عَلَى حِرْمَانِ غَيْرِهِ مِنْ الضَّوْءِ يُغْرِقُ نَفْسَهُ فِ


ي عَتَمَةِ ظِلِّهِ .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الشاعر محى الدين جمعه طه للمحيط العربي قصيدة بعنوان رسالة للأحياء من متوفي