كتب الكاتب خالد الزبون لمنتدى المحيط قصة نازعتني إليه في الخلد نفسي
قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ
الْكَاتِبُ أ . خَالِدُ الزَّبُّونِ
نَازَعَتْنِي إِلَيْهِ فِي الْخُلْدِ نَفْسِي
كَانَ يَشْعُرُ بِدُنُوِّ الْأَجَلِ وَهُوَ الْفَلَّاحُ الَّذِي جُبِلَتْ طُفُولَتُهُ وَشَبَابُهُ عَلَى حُبِّ الْأَرْضِ وَالزِّرَاعَةِ وَالْفِلَاحَةِ وَالْعِنَايَةِ بِهَا رَغْمَ الظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ الَّتِي كَانَ يَمُرُّ بِهَا حَيْثُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى دَابَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ آذَانِ الْفَجْرِ لِيَصِلَ ارْضَهُ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ الَّتِي كَانَتْ تَمُدُّهُ بِالْحَيَوِيَّةِ وَالطَّاقَةِ لِيَعْمَلَ وَيُوَاجِهَ قَدَرَهُ فِي حِمَايَةِ ارْضِهِ مِنْ الْمُصَادَرَةِ وَسَرِقَةِ الْمَحْصُولِ مِنْ الْعَابِثِينَ ،
تَرَاتِيلُ يُرَدِّدُهَا قَلْبُهُ وَابْتِهَالَاتٌ لَا يَعْرِفُهَا الَّا مَنْ عَانَى وَيُعَانِي لِلْحِفَاظِ عَلَى مِيرَاثِ اجْدَادِهِ الَّتِي يَعْتَبِرُهَا
قِطْعَةً مِنْ الْقَلْبِ وَجَنَّةَ اللَّهِ عَلَى الْأَرْضِ ،
هِيَ فِي عَيْنِيهِ الْحُبُّ وَالسَّلَامُ وَالْحَرْبُ وَالشَّوْقُ وَالْأَبُ وَالْأِبْنَةُ وَالْحَبِيبَةُ الَّتِي يَشُدُّ الرِّحَالَ الْيْهَا كُلَّ يَوْمٍ ،
هِيَ الْمَنْشُودَةُ عَلَى أَبْوَابِ السَّمَاءِ ،
وَهِيَ وَطَنٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلِاسْتِعْمَارِ ،
هِيَ تَفَاصِيلُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ تُلَمْلِمُ شَتَاتَهُ ،
فَوْقَ جَبِينِهَا الْأَسْمَرِ يَسْكُنُ الْمَجْدُ وَالْفَخَارُ بَيْنَ النَّبْضِ وَالشِّرْيَانِ وَنُجُومٌ تَحْرُسُهَا وَاقْمَارٌ تَحُدُّهَا ،
تَسْمَعُ حَفِيفَ شَجَرِهَا وَتَرَى رَبِيعَهَا يَزْهَرُ كَرَامَةً وَعِزَّةً
وَتُوَرَّقُ اوْرَاقهَا
وَيَبْتَسِمُ الْخَرِيفُ لِلشِّتَاءِ وَيَسْهَرُ الصَّيْفُ مَعَهَا
بِشَوْقٍ فَلَا عَالَمَ يَمْنَحُهُ الدِّفْءَ إِلَّا سِوَاهَا ،
يَتَحَامَلُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَزْرَعَ زَيْتُونَةَ الْحَبِّ فِي الْأَرْضِ كَأَنَّهَا شَجَرَةُ الْخَلْدِ ،
وَمَا أَنْ يَنْتَهِيَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى التُّرَابِ وَيُلَوِّحُ لَهَا بِيَدِهِ مُوَدِّعًا الَى مَلَكُوتِ اللَّهِ
وَيَتَمَتِمُ نَازَعَتْنِي إِلَيْهِ فِي ا
لْخُلْدِ نَفْسِي .
تعليقات
إرسال تعليق