كتبت الكاتبة احلام شحاتة ابو يونس للمحيط العربي مقال بعنوان عقدة الطفولة

 كانت و ربما لا زالت عندي عقدة منذ طفولتي و هي أنني (بنت ) و لست (ولد) فقد كنت أرى للولد إمتيازات و حريات لا أستطيع أن أحظى بها 

ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

 (دخول الجيش) عندما يصير شابا يافعا يرتدي ( بدلة كاكي) أو بدلة ( الصاعقة) التي تخطف العقل ، يخدم بلده و يدافع عنها ضد أي معتدي ، يحمل السلاح والبندقية


ومن العوامل التي كانت تزيد من هذا الإحساس عندي تلك الأناشيد الوطنية التي كنا نرددها ونحفظها عن ظهر قلب ( إسلمي يا مصر إنني الفدا / ذي يدي إن مدّت الدنيا يدا / أبدا لن تستكيني أبدا / إنني أرجو مع اليوم غدا/ ومعي قلبي و عزمي للجهاد / ولقلبي أنت بعد الدين دين/ لك يا مصر السلامة / وسلاما يا بلادي/ إن رمى الدهر سهامه؟ / أتقّيها في فؤادي / واسلمي في كل حين)


لكنني لم أستسلم أبدا و قلت في نفسي ( إن كنت قد تعذّر عليّ أن أدافع عن بلدي بالسلاح و البندقية ؟  وأدافع عنها بسلاحي وهو (قلمي)

لأن مجال البندقية  محال على المرأة وبعيد كل البعد عن إمكانياتي في مجتمعي فلابد لي من طريقة أخرى ، وساحة القتال تتّسع للكثير  والكثير من المحاربين والمدافعين كل في مجاله وكل بطريقته التي يجيدها فقرأت كل ما وقعت عليه عيني وكل ما مسّته يدي وكتبت كل ما دار بخلدي حتى تبلورت لديّ رؤية خاصة بي أنا وصار لي منهجا خاصا أسير عليه 

ولما وجدت قيما ومبادئ كادت تختفي  وتنهار لم أتوانى لحظة واحدة في شنّ الحرب على كل ما يهددها فلولاها ما استقامت الحياة

حاربت بقلمي وبكل ما أوتيت من قوة وليتني أستطيع أن أبني جدارا متينا من المحبة يحمي جميع من حولي  من طلقات الغدر والغش  والخداع

ليتني أستطيع أن أرسم ملامح السعادة والفرحة على الوجوه العابسة

أو أمحو الحزن الساكن في عيون الأطفال اليتامى 

أو أن أرد حقا لإنسان ضعيف لا يقوى على أخذه 

ليتني أستطيع أن أنصر مظلوما و آخذ له حقه من الظالمين 

أو أن أمسح دمعة  أو أضيئ شمعة 

أو أن أقول كلمة حق في الوقت المناسب أمام سلطان جائر

وألاّ أخشى في الحق لومة لائم ، وأن أكون آداة بناء لا معول هدم

فالإنتماء للوطن هو التفاني في خدمة أهل الوطن

والمحافظة على كل شبر من أراضيه 


أيقنت ساعتها أن  الدفاع عن الوطن لا يحتاج لمدفع أو بندقية أو بدلة (كاكي) و بيادة وكاب ، فكل واحد في مجاله محارب

سلاحه هو علمه وعقله ويده  وصنعته وحرفته  بأن يتقنها حق الإتقان فالمعلم محارب  والفلاح محارب

والطبيب محارب والمهندس والعامل بيده أيضا محارب

لكل صاحب مهنة أدواته ولكل منهم ساحته القتالية التي يبرع فيها ولكل عدو يريد الإنتصار عليه المهم أن ينتصر أولا على نفسه ويعرف حدوده و إمكانياته والأم لا يقل دورها أبدا عن كل هؤلاء

فهي الدينامو الذي يحرّك كل هؤلاء وهي حصن أمان للجميع وأنا بفضل الله صرت أما لبنين وبنات وقدّمت للمجتمع

أولادا أدّوا الخدمة العسكرية و لبسوا البدلة ( الكاكي) والبيادة ودافعوا عن وطنهم  وقاموا على حراسته

أحسست بالزهو  والفخر جدا بذلك كما أحسست بالزهو و الفخر وأنا أحارب في ساحتي أنا في منطقتي أنا وفي حدود إمكانياتي


فهل تراني قد تخلّصت من عقدة الطفولة؟؟؟؟؟


 أحلام شحاتة أبويونس



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الشاعر محى الدين جمعه طه للمحيط العربي قصيدة بعنوان رسالة للأحياء من متوفي