تحليل ونقد نص للشاعر راضي ليل الغربة للناقد والأديب عمر حمدان والمحيط العربي للشعر والأدب

 تجليات النص الشعري المعاصر


دراسة نقدية يقدمها : أ . عمر حمداوي 

شعر : أ . الأديب و الشاعر راضي السقا 


النص

**********


" ليل الغربة "


آه ياليل الغربة مالك طويل كدا ليه يارب سلم 

أعدى من بحر الليل أوصل لأحبابي في حضنهم يضموني عليهم أسلم 

أمتي لقيء الأحباب دنا الصبر علمتوا ما أتعلم 

بعدها راح بعيد عني ما أفتكر يوم عليا يسلم 

ياريت الصبر علمني الصبر كنت أسكت ما أتكلم 

توهت بعد فراق أحبابي والحزن ف القلب علم 

آسي يازماني لو كان يفيد الكلام كنت اتكلم 

لكن بأيه يفيد الكلام وأنا بزماني ياناس مسلم 

أمشي أروح فين والغربة وخداني من أحبابي عايش وحدى بتألم 

أعدى بحور ألاقي بحور والدمع فوق خدودي معلم 

أرحمني يازماني أنا ساكت مش هاتكلم 

أداوي جروحي ف ليل الغربة أحلم بأحبابي عليهم بسلم 

أمد أيدي بشوق وحنان تقابل أيديهم يارب هون علينا وسلم 


قراءة 

**********


من الوهلة الأول من عتبة النص نعلم حجم المشكلة التي يعاني منها الشاعر وينشد بدعاءه أن يبرأ منها فهو يستشعر آلآما محرقة من هذه الغربة وفرقة الأحباب ويجد في 

هذا العناء كل الوجد الذي يستنزف منه القوة ويضعفه تماما

فدموعه تحولت إلى عدة أبحر مثلها في ذلك مثل الأبحر التي يجتازها لدى كل محاولة إقتراب حين يفكر في الوطن الذي يجتمع في حضنه جميع الأهل والأحباب ولكنه لا يوفق إلى ذلك وتبطل أمنيته ويخيب رجاءه الذي يمني به النفس فيصاب بحزن شديد لا ينفك عنه ولا ينفع معه الصبر ذلك الصبر الذي يفت العضد ويفطر الفؤاد ويظل غائبا عنه ليضاعف من غربته فيزيده هموما ويلقي عليه ثقل الأشواق بلا رحمة فترتفع صرخته عاليا لشعوره بالعجز وعدم القدرة على حل هذه المعضلة التي تغزوه في كل لحظات حياته ولا تمنحه حق العفو في أن يخلص نفسه من عذابها .. وهذا ما نستفيده من قصيدة ليل الغربة إنها حصيلة تجربة حياة طويلة وغنية بالأفكار النيرة التي تكشف لنا سبل الهجرة وما تتركه فينا من آهات وزفرات لا تقوى قلوبنا على تحملها وتعلمنا أن الحب خير ما يجمعنا كأهل متوادين ومتواصلين ومتوافقين فيما بيننا لنسعد في البيت الذي يجمعنا و لا نتسبب من جهلنا في أي خلافات أو إنشقاقت تجعلنا فرقا متحاربين وأشتاتا منشقين وكأن القصيدة تخبرنا بواقع غربة ناتج عن نفور حاصل داخل كل واحد منا ولولا ذلك لكان سيكون الوضع مختلفا تماما عما هو عليه الآن لذلك كان بكاء الشاعر على الأحباب من باب بعث رسائل لأجل الخلاص من كل العذابات التي في الغالب نحن من نتسبب فيها وإلينا تنسب الأخطاء الفضيعة التي نرتكب ضد أنفسنا لعدم فهمنا أن الشر كل الشر مبعثه يأتي من عدم الإهتمام ببعضنا البعض وهذا أكبر العيوب التي ما تزال قائمة في المجتمعات العربية التي فرطت في قيمة ومبدأ الإيمان بذاتها ولم تجد لها رؤية تصححها وتعطيها فكرا جديدا ناضجا وملائما والشاعر يتعمق في الشعور ليبلوه بلاء حسنا وليسمه وليترك أثره البليغ في النفوس الحية إن كانت فعلا صادقة مع الأمة التي تنتمي إليها

والقصيده تكررت فيها كلمة السلام والتسليم ست مرات لنعلم من خلالها أهمية السلام وضرورته في حفظ كيان الجماعة

ومنحها المسرات والبركات والأفراح و للسلام تنشرح الصدور فالقصيدة بلغت أوجها من الجمال لهذه الإشارات التي ذكرتها بعناية والتكرار فيها أفاد التأكيد على المعنى الملزم لإثبات الحجة على المعارضين أو الطاعنين في طهارة المشاعر النبيلة الأصيلة التي هي في حضرة وجودها تكفي وتعنى بكل شيء

فتكون علاجا ناجعا لم بها 

الغربة لن تكون بديلا عن الوطن والآخر لن يكون أخا بديلا عن الأخ ومن فقد الإحساس بهذه العاطفة فإنه لن يعثر على 

انسجام وتلائم نفسي لأن كل تلك الأمور لا تقترن بالأصل ومخالف للفطرة والطبيعة وعلة سياساتنا أنها لا تراعي هذه الخصوصيات التي هي من صميم كينونة الإنسان الواعي بما تجره الغربة من أحداث مؤرقة ومؤلمة وصور حالات الفراق المريرة التي لم يحدث بعدها لقاء


كثيرة على أن تعدوتحصر .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الأديب هاشمي محمد ملاكو للمحيط العربي قصيدة بعنوان كيف أنساه؟