كتب الكاتب خالد الزبون لمنتدى المحيط قصة بعنوان منديل سلمى
قِصَّة قَصِيرَة
مَنْدِيل سَلْمَى
اَلْكَاتِبِ أ . خَالِدْ اَلزَّبُونِ
تَجْلِس سَلْمَى عَلَى تَلَّةٍ صَغِيرَةٍ قُرْبَ مَنْزِلِهَا اَلرِّيفِيِّ اَلَّذِي يَنْضَمُّ إِلَى مَنَازِلِ اَلْقَرْيَةِ اَلْجَمِيلَةِ وَاَلَّتِي تَتَوَسَّطُهَا منْطَقَةٌ جَبَلِيَّةٌ ،
قَرْيَةٌ وَادِعَةٌ بِأَهْلِهَا اَلطَّيِّبِينَ اَلَّذِينَ يَكدُّونَ لِلْأَرْضِ وَيخْلُصُونَ لَهَا فَتُعْطِيهِمْ مِنْ خَيْرَاتِهَا وَلَا تَبْخَلُ عَلَيْهِمْ بِالْعَطَاءِ اَلْجَزِيلِ ،
جَمَالُ اَلطَّبِيعَةِ وَجَمَالِ اَلْقُلُوبِ
يَجْتَمِعَانِ لِيُشَكِّلَا لَوْحَةً فَرِيدَةً مَلِيئَةً بِالنَّقَاءِ وَالطَّهَارَةِ ،
تَعِيشَ سلْمى فِي عَالَمِهَا وَتُطْلِقُ اَلْعنَانَ لِخَيَالِهَا يَرْحَلُ مَعَ عايد اَلَّذِي عَاشَتْ طُفُولَتُهَا وَكَبُرَتْ عَلَى اِبْتِسَامَتِهِ اَلَّتِي كَانَتْ تَمْلَأُ عَلَيْهَا حَيَاتها وَتُسَانِدهَا فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهَا ، عايد اَلْفَلَّاحِ اَلْوَسِيمِ اَلَّذِي وَرِثَ عَنْ جَدِّهِ وَأَبِيهِ اَلرُّجُولَةَ وَالْبُطُولَةَ
كَيْفَ لَا ؟
وَجَدّهُ حَارَبَ اَلْفَرَنْسِيِّينَ وَقَاتِلٌ حَتَّى اَلرَّمَقِ اَلْأَخِيرِ فِي اَلدِّفَاعِ عَنْ نَجْمَاتِ اَلْوَطَنِ اَلَّتِي تَحْرُسُ حُدُودَهُ
وَمَا زَالَ يُذْكَرُ كَلِمَاتِ وَالِدِهِ اَلَّذِي سَارَ عَلَى اَلدَّرْبِ
وَطَنكَ أَهْلكَ .
أَرْضُكَ حَيَاتُكَ .
تُرَابُهَا عَرْضُكَ وَشَرَفُكَ وَكَرَامَتَكَ ،
وَفِي تَلَّةِ اَلذِّكْرَيَاتِ هُنَاكَ تَعرف عَلَى سَلْمَى ذَاتَ اَلضَّفَائِرِ اَلَّتِي تُغَازِلُ سَنَابِلَ اَلْقَمْحِ وَالطُّيُورِ اَلْمُرْسَلَةِ أَجْنِحَتَهَا لِلرِّيحِ . .
سَلْمَى اَلْحُلْم اَلْمُتَجَدِّد وَاللَّحَظَاتِ اَللَّطِيفَةِ وَالسَّعِيدَةِ كَاللَّيْلَةِ اَلْقَمْرَاءِ وَبُسْتَانِ اَلْوَرْدِ ، ،
قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ مَا بَيْنَ اَلْهَوَى وَنِدَاءِ اَلْوَاجِبِ ، ، مَا بَيْنَ مَلَامِحِ جَدِّهِ وَوَالِدِهِ وَشَوْقِهِ وَوَجَدهُ ،
وَقْفٌ يَتَحَدَّثُ إِلَى سَلْمَى : _
إِن عُدَّت مِنْ اَلْحَرْبِ فَإِنَّنَا سَنَكُونُ مَعًا وَلَكِنَّهُ اَلْوَطَنُ لَنْ أَتَخَاذَل أَبَدًا هَؤُلَاءِ اَلطُّغَاةِ لَمْ يَتْرُكُوا مَدِينَة وَلَا قَرْيَة وصُولْوهَا إِلَّا تَرَكُوهَا لِلْعَوِيلِ وَالنَّشِيجِ وَحَوَّلُوا اَلْحَيَاةَ إِلَى مَوْتٍ وَنَعِيقٍ لِلْبُومِ وَالسَّمَاء لِلْغِرْبَانِ ،
سَأَنْتَظِرُكُ وَسَتَعُودُ مُنْتَصِرًا
خُذْ مَنْدِيلِي وَسَيَبْقَى يَذْكُرَكَ بِأَنَّكَ يَجِبُ أَنْ تَنْتَصِرَ وَسَتَعُودُ مُكَلَّلاً بِالْغَارِ ،
بَقِيَتْ تَلُوحُ لَهُ بِيَدَيْهَا حَتَّى غَابَ فِي اَلْأُفُقِ ، وَهُنَاكَ مَا زَالَ يَسْهَرُ وَيُدَافِعُ عَنْ اَلسَّرْو وَعَما تَبَقَّى مِنْ زَهْرِ اَللَّوْزِ وَصَبَّارَة بِأَشْوَاكِهَا مَا زَالَتْ تَحْكِي تَارِيخَ اَلْعُظَمَاءِ ، يَشْتَدَّ وَطِيسُ اَلْحَرْبِ وَيَعْلُو غُبَارهُ حَتَّى اِسْوَدَّ كَقِطَعِ اَللَّيْل اَلْمُظْلِمِ . ، وَفَجْأَةُ مَعَ مِيلَادِ اَلصَّبَاحِ وَآهَاتِ اَلْجُنُودِ وَالْجَرْحَى تَعْلُو اَلْكَرَامَة فَوْقَ اَلسُّفُوحِ مُعْلَنَةً لَا صَوْت يَعْلُو فَوْقَ صَوْتِ اَلِانْتِصَارِ ، فَيَبْتَسِمُ اَلْيَاسَمِينُ وَيَزْهُو وَيَتَمَايَلُ فَوْقَ اَلْجَرَّاحِ وَالْآلَامِ ، يَنْظُرَ عايد فِي اَلْمَنْدِيلِ لِيُشَارِكَ سَلْمَى فَرْحَةُ اَلْفَجْرِ اَلْجَدِيدِ ،
وَيَقُولَ :
لَهَا سَنَحْكِي لِأَبْنَائِنَا قِصَّةُ اَلْجدِّ وَالْأَبِ وَالِ
ابْنِ وَمَنْدِيل سلْمى.
تعليقات
إرسال تعليق