كتب الشاعر أحمد سلامة للمحيط العربي نص بعنوان الحلم القاتل

 الحلم القاتل :


في زاوية هادئة من الذكريات ، استسلم قلبٌ طيب لعذوبة الكلمات ولطف الوعود ، كان شابًا ينثر حولها الورود ويحيطها بالعناية ، يرسم لها عالماً من الوهم مغلفاً بعبارات المحبة. كانت ، كأي فتاة حالمة ، تشرب من كؤوس الأماني الزائفة ، غير مدركة أن هذه الورود البهية لم تكن سوى زهرات وهمية ، تروى بقطرات من سراب .


بثقة تامة ، رسمت لنفسها مستقبلاً ؛ حياةً لا ينقصها شيء ، أطفالاً سيكبرون تحت جناحي الحلم ، حياةً أُحكمت تفاصيلها بين كلماته المعسولة ، صدّقت أن السعادة مكتوبة لها بحروف لا تبهت ، وأن الوعد مؤكد بلا رجعة .


ومرت السنون ، وعود عائمة بلا مرفأ ، وأحاديث تلو الأحاديث ، حتى ظهرت الحقيقة كصاعقة ؛ فارس الأحلام كان يلهو ، يبحث عن مغامرة جديدة ، تاركاً إياها بجرحٍ غائر وفراغٍ لا يُملأ .. فجأة ، يختفي، تاركاً قلبها مهجوراً ، وحلمها حطاماً .


وحيدة في عتمة الليل ، أدركت الحقيقة المرة .. لم يكن حباً ، بل وهماً أضاع وقتها وأحرق حلمها .. رفعت كفيها إلى السماء بقلب منكسر ، تسترجع أنفاسها ، وتدعو لانتقام السماء من هذا الظلم .


ومع الأيام ، يتجلى لها عدل القدر ؛ فقد أُصيب بخيباته الخاصة ، ورأته ينال ما كان يصنعه ، عبرةً لكل من يلهو بمشاعر الآخرين ويخدعهم بوعود زائفة .


وتعلمت أخيراً أن الوعود التي تلامس القلب دون إثبات هي كالرياح تمر وتختفي ، وأن العقل هو سلاح الحذر في وجه خديعة المشاعر .


بقلمي /

أحمد سلامه 

7/11/2024



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتب الشاعر محى الدين جمعه طه للمحيط العربي قصيدة بعنوان رسالة للأحياء من متوفي